موسى عبدالله يعقوب / Mar 06, 2009

أنا محمّد

هذه سيرتي وأعمالي وغزواتي، فلماذا تؤمنون بي؟

 

بقلم

موسى عبدالله يعقوب

بالتعاون مع

يوسف مفيد منير

 

منشورات

فرانسوا كزافييه دو غيبار

باريس، 2008، 450 صفحة

 

 

"لا تأخذوا القرآن معكم في أسفاركم، خوفا من وقوعه في أيدي العدوّ فيستخدمه لإذلالكم"

 

غريبة فعلا هذه التوصيّات التي حمّلها محمد لمجاهديه وأتباعه وأنصاره وبني أمته.

 

لولا جهل العالم الإسلامي بحقيقة النصوص الإسلامية، لما تفاجأ بالصدمة التي أصابته عند رؤيته صور المذابح التي هزّت الجزائر، وكارثة بُرجَي مركز التجارة العالمي في نيويورك، وهمجية قتل أو ذبح الرهائن في العراق والبلدان الإسلامية الكثيرة.

 

فبينما يعيش ملايين المسلمين بسلام ووئام مع من لا يفكر مثلهم ولا يشاركهم الإيمان أو العقيدة، نرى منفّذي هذه الجرائم يفتخرون بما فعلوا متذرّعين بأنهم المسلمون الأصيلون الحقيقيّون، وذلك لأنّهم يطبّقون حرفيًّا سنّة محمّد وقرآنه بعكس باقي المسلمين الّذين يتجاهلون تعاليم دينهم وتاريخ نبيّهم.

 

من ينطق إذاً بالحقيقة؟

هل نصدّق الإرهابيّين الّذين يتسلّحون بكتاب قائدهم محمّد وتعاليمه ويعملون بموجبها، أم نصدّق ما يقوله المستشرقون الّذين يتحايلون على النصوص ويؤولونها وفقا لمفاهيمهم الإسنادية ومصالحهم المهنية وعلاقاتهم الخاصّة مع أصحاب النفوذ والثروات في العالم الإسلامي وداخل المنظمات الإسلامية التي يعملون لها، أم نصدّق المفسّرين والمتكلّمين والبلغاء الذين يطلقون على أنفسهم لقب العلماء أو الفقهاء والذين عوّدونا على تبرير النصوص القرآنية وإيجاد المخارج لها عبر الترقيع والتلفيق والمماحكة والسفسطة ؟

 

أمام هذه الحيرة المربكة لا بدّ من البحث عن الحقيقة في النصوص الإسلامية نفسها التي يتبنّاها الإرهابيّون ويحاولون تطبيق التعاليم الواردة فيها، مع العلم أن شيوخ المساجد وأئمتها يردّدون باستمرار هذه النصوص في الجوامع ومن على منابر الجامعات الإسلامية. غير أنّهم يتجنّبون ذكرها والإشارة إليها في خطبهم الموجّهة ألى الغربيّين بهدف حجب الوجه السلبي والمخزي لدينهم ولكتابهم.

 

كتاب "أنا محمّد" أو "مذكّرات محمّد" الذي صدر بالفرنسية عن دار نشر "دو غيبار" في باريس، يركّز على هذه النصوص ويكشف عوراتها ومآسيها.

 

لم يعمد المؤلف الذي يسرد ذلك باسم محمّد نفسه إلى استنباط شخص أسطوري أو حوار خيالي. فكل النصوص الواردة فيه بين هلالين إستقاها من النصوص التي يقدّسها المسلمون. كذلك لم يذكر أي حدث من نسج الخيال بعكس ما لجأ إلى القيام به كتبة سيَرة محمّد الذين يعتمدون،أمام تناقض النصوص الإسلاميّة، خيار النصّ الأكثر ملاءمة لهم.

 

لذلك فضّل مؤلف هذا الكتاب وشريكه الإعتماد على النصوص التي يعتبرها المسلمون أكثر صدقا وإصالة، أي القرآن أولا ، ثمّ كُتُب الحديث، أو السنّة الشفهية التي وافق على صحتها الإمامان الشيخان البخاري ومسلم، وذلك باعتراف معظم العلماء والفقهاء وقناعاتهم .

 

لقد قرّر موسى عبد الله يعقوب إذً وضع هذا الكتاب من وجهة نظر إسلاميّة دون التشكيك بظاهرة محمّد أو بحقيقة أقواله وأفعاله، أو بما أتى به المقرّبون منه. فقد اكتفى بقراءة المعطيات الإسلامية في ضوء الواقع العربي من الناحية الجغرافية والدينية والتاريخية والسياسية والسيكولوجية، كي يكون الأقرب إلى الحقيقة في كتابة هذه المذكّرات. وهكذا نراه يتوقّف عند كل مراحل حياة محمّد، منذ ولادته في مكّة، مروراً بحياته الزوجية والعائلية وتعاليمه وسلوكه وأعماله وحروبه وغزواته، وحتى وفاته في يثرب المدينة.

 

يذكّرنا محمّد بتشكيكه بالوحي، بخوفه منه، بحاجته لسند خديجة وعمّها القس النصراني ورقة بن نوفل، بسحر اليهود له. يتوقّف نبيّ المسلمين عند خصوصيّاته الجنسيّة وامتيازاته التي خصّه بهاوحده إله الوحي، كما يفنّد علاقاته ومشكلاته مع العديد من زوجاته، خاصة مع الطفلة عائشة. لم يخجل "هتلر العرب" من صفات الوحشية والقسوة التي تحلّى بها عندما ذبح مئات اليهود بعد أن استسلموا له، عندما أمر بقتل أم فرقة، العجوز المسكينة التي  شتمته، وكيف عذّب بالنار كنانة بن الربيع، وكيف جوّع أهل مكّة وادخل التراب بافواه الحزانى من النساء، إلى كلّ أنواع القهر والإرهاب والإنتقام التي مارسها.

 

تجدر الإشارة إلى أن المؤلف لم يهمل المزايدات والإثباتات المتناقضة مع كل المعايير المنطقية والعقلانية والإضافات اللاحقة، إقتناعا منه بضرورة النظر إلى صورة وشخصية مؤسس الإسلام كما تبرز في النصوص الإسلامية. وتأكيدا على ذلك يشير هذا الخبير في التاريخ الإسلامي إلى كل ذلك في حواش إضافية تسمح للقارئ بالتّعرّف على حقيقة محمّد الرجل بمعزل عن نظرة معاصريه إليه في القرن السابع ميلادي وكلّ أتباعه فيما بعد.

 

أما النصوص المترجمة من العربية إلى الفرنسية التي استخدمت في هذه المذكرات، فستنشر قريبا مع نصوص أساسية أخرى وتفاسير ومراجع عديدة في موسوعة خاصة يجري إعدادها، بعنوان "الإسلام من الألف إلى الياء".

 

صفيّة بلحاج - الجزائر

 

Moi, Mahomet. Les textes sacrés de l’islam assemblés sous forme de récit.

Par Moussa Abdallah-Yaacoub, avec la collaboration de Youssef Moufid-Mounir.

Editions François-Xavier de Guibert, Paris 2008, 452 pages

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط